الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد عمّال شركة STIP بمساكن يطلقون صيحة فزع: أنقذوا 1000 عائلة من الجوع والضّياع ولوبيات الفساد

نشر في  07 سبتمبر 2016  (11:52)

لا حديث في مدينة مساكن الاّ عن «كابوس» البطالة الذي يتهدّد ما يفوق 1000 عامل بعدما تقرّر غلق شركة STIP الوحيدة المنتجة لعجلات السيارات في تونس والتفريط فيها لأحد الخواصّ.
هذا القرار كان له مفعول «الصّاعقة» التي نزلت على رؤوس عائلات مورد رزقها الوحيد متأت من هذه المؤسسة الاقتصادية المذكورة خاصّة بعدما وصلتهم تسريبات مفادها انّ هذه الشركة ستغلق أبوابها لمدة ثلاثة اشهر وهو ما سيفرض على العمال الدّخول في فترة بطالة اجباريّة في انتظار ان يقرّر المالك الجديد ما يراه صالحا..
في  هذا السياق أكّد منصف محجوب (عون انتاج بشركة ستيب منذ 32 سنة)  لأخبار الجمهورية ان ما يثير الرعب في نفوس العمال انّ هذه المؤسسة سيقع التفريط فيها بأسهم رخيصة لا تتماشى وقيمتها الحقيقيّة وان الخواص الذين سيمسكون بمقاليد الحكم مستقبلا بإمكانهم الاستغناء عنهم أو عن بعضهم والالقاء بهم نحو المجهول والزجّ بهم في طريق الضياع والجوع..

هذه مطالبهم

من جانب آخر قال محدّثنا حرفيا:«نحن كعمّال لا نطلب المستحيل، نريد ضمان حقوقنا ومواصلة العمل في شركة «ستيب» بعد اخراج السلع من الديوانة والالتزام بالاتفاق الحاصل مع اتحاد الشغل بخصوص هذه النقطة». وتابع ليؤكد بعضلة لسانه:«انّ الوضع تسوده الضبابية ومصير جرايات العمال اصبح في علم الغيب، لذلك نناشد السلط المعنية بالتدخّل لانقاذ 1000 عائلة من الجوع والضّياع الذي يتهدّدهم..».

لوبيات الفساد وراء افلاس شركة STIP

 من جهة اخرى جمعنا في أخبار الجمهورية لقاء مع ابن مدينة مساكن عبد اللطيف المليّح رئيس جمعية «كلّنا باردو» وصاحب المبادرة الأخيرة:«شباب مساكن ضدّ الارهاب» التي لقيت نجاحا كبيرا وصدى في كلّ العالم وهو ما جعل بلدية «نيس» تتوجه بالشكر الجزيل لصاحب المبادرة عبد اللطيف المليّح على ما قدّمه من تضحيات رفقة شباب مساكن لإنجاح هذه التظاهرة وردّ الاعتبار لشباب مساكن المسالم والغيور على وطنه..
كما وجّهت بلدية «نيس» الشكر ذاته الى كلّ أهالي مساكن لحسن استقبالهم وحفاوتهم بالضيوف، وكذلك الى بلدية مساكن وعمالها وعلي رأسهم رئيس البلدية وهم الذين لم يدّخروا جهدا لانجاح التظاهرة طيلة 7 أيّام رفقة والي سوسة ومعتمد مساكن وبقيّة السلط المحلّية ورجال الأمن.
هذا دون نسيان السّادة نواب الشعب والوزراء والإعلاميين الذين ساهموا في انجاح تظاهرة «شباب مساكن ضدّ الارهاب»..
حيث قال بخصوص وضعية شركة STIP انّ هذه المؤسسة تعتبر أحد الأعمدة الاقتصادية الفعّالة في مدينة مساكن باعتبارها تشغّل ما يفوق 1000 عامل يرون انّ مصير عائلاتهم وابنائهم مرتبط بتواصل نشاط هذه الشركة التي اصبح وجودها مسألة حياة أو موت لدى كل عائلة «مساكنية».
كما ذكر عبد اللطيف المليّح انّ العمال بعدما دخلوا في اضراب فريد من نوعه للفت أنظار السلط المسؤولة عن الظلم الذي سلّط عليهم، تلقّوا وعودا من قبل السلط المعنية بتسريح المواد الأوّلية واخراجها من الديوانة بعد دفع مبلغ 5 مليارات وهو ما جعلهم يفكّون الاضراب ويفتحون الطريق الرابطة بين القيروان ومساكن، لكن الى حدّ كتابة هذه الأسطر لم يتمّ «الافراج» عن السلع وهو ما يتسبّب في  توقّف نشاط المعمل بشكل نهائي.
هذا وقد أكّد ايضا رئيس جمعية «كلّنا باردو» انه تابع الموضوع عن كثب وخرج بقناعة مفادها وجود «لوبيات» فساد كانت وراء عملية افلاس شركة STIP والسماح بشرائها في شكل رقع بأبخس الأثمان التي لا تساوي في المجمل 10 ٪ من القيمة الحقيقيّة للمصنع الوحيد الذي يصنع عجلات السيّارات في تونس ولا يلبّي سوى  10 ٪ من احتياجات ومستلزمات السوق التونسيّة.
في السياق ذاته، اكّد عبد اللطيف المليّح قائلا:«انّ ما يؤلمني حقا انّ هذا المصنع شارك في بنائه جميع اهالي مدينة مساكن ووقع تأسيسه على أراضي على ملك بعض أهالي المدينة الذين تطوّعوا بها (أي الأراضي) دون مقابل قصد توفير لقمة العيش والحياة الكريمة لأبنائهم في المستقبل، الاّ انهم بعد سنوات يصطدمون الآن بواقع اليم وهو خروج هذه المؤسّسة الاقتصاديّة من تحت غطاء الدولة للعمل تحت اشراف الخواصّ بالطريقة التي ترضي المالك الجديد وتراعي مصالحه الشخصيّة بالسياسة المناسبة له».

مطلب ملحّ

وتابع رئيس جمعية «كلنا باردو» ليقول:«ازاء هذه الوضعية الحرجة فانّ أهالي مدينة مساكن والعمال المتضرّرين من النقلة النوعيّة الحاصلة في حياة مؤسسة STIP كل ما يطلبونه هو ارجاع المصنع الى سالف نشاطه لدعم عجلة الاقتصاد التونسي سواء كان على ذمّة الدولة أو على ذمّة الخواصّ وضمان حقوقهم  وكرامتهم ومعاملتهم من قبل الخواص أو الدولة باحترام وفي اطار القوانين التي تحمي الطبقة الشّغيلة في تونس الحرّية والكرامة».
هذا وقد أوضح محدّثنا بأنّ مدينة مساكن مرّت بحالة مرضية بعد ذلك الذي حصل لجاليتها المتمثّلة في 40 ألف مهاجر مازالوا يعانون سوء المعاملة ويدفعون ضريبة العمل الارهابي الذي حصل في مدينة «نيس» الفرنسية دون ذنب ارتكبوه، وها انه الجرح ينزف من جديد ـ بحسب ما قاله عبد اللطيف المليّح ـ بعدما أصبح أكثرمن 1000 عامل مهدّدين بخسارة مورد رزقهم في معمل STIP لذلك طالب رئيس جمعية «كلنا باردو» من السّلط العليا للدّولة بالتدخّل سريعا لوقف النزيف حتى يستعيد 1000 عامل حقّهم في الشغل.
كما قال عبد اللطيف المليّح بأنّ عددا من عمّال شركة «ستيب» فيهم من غادر الحياة بسبب مخاطر المواد الأوّلية لصنع العجلات المطّاطية وهو ما تسبّب لبعضهم في مرض السرطان (عفانا وعفاكم الله)، فيما لا يزال البعض الآخر من العمّال يعانون من التشوّهات، وبالتالي فانّ عمّال هذه الشركة هم مناضلون من أجل لقمة العيش وليسوا مجرّد عملة في «ستيب».
في الختام نشير إلى انّ ابناء مساكن المهاجرين في فرنسا خطّطوا للقيام بوقفة تضامنية مع عمّال شركة «ستيب» الاّ انّ بعض الحكماء من الجالية ذاتها رفضوا تجسيد هذه المبادرة على أرض الواقع خشية ان ينعكس هذا التصرّف سلبا على سمعة تونس في الخارج..
فكيف ستكون نهاية هذا «المسلسل الصادم» الذي يعيش على وقعه 1000 عامل في مدينة مساكن؟

الصحبي بكّار